كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال ابن حجر في فتح الباري: في باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام في هذه المسألة: وقد اختلف العلماء في هذا. فالمشهور من مذهب الشافعي عدم الوجوب مطلقًا، وفي قول: يجب مطلقًا، وفيمن يتكرر منه دخولها خلاف، وهو أولى بعدم الوجوب. والمشهور عن الأئمة الثلاثة: الوجوب. وفي رواية عن كل منهم لا يجب، وهو قول ابن عمر والزهري والحسن، وأهل الظاهر، وجزم الحنابلة باستثناء ذوي الحاجات المتكررة، واستثنى الحنفية من كان داخل الميقات، وزعم ابن عبد البر أن أكثر الصحابة والتابعين على القول بالوجوب. انتهى كلام ابن حجر. ونقل النووي في شرح مسلم عن القاضي عياض: أن هذا هو قول أكثر العلماء.
وإذا علمت اختلاف العلماء في هذه المسألة فهذه تفاصيل أدلتهم. أما الذين قالوا: إنه لا يجوز دخول مكة بغير إحرام إلا للمترددين عليها كثيرًا كالحطابين، وذوي الحاجات المتكررة كالمالكية والحنابلة، ومن وافقهم فقد استدلوا بأدلة:
منها قول بعضهم: إن من نذر دخول مكة لزمه الإحرام. قالوا: ولو لم يكن واجبًا لم يجب بنذر الدخول كسائر البلدان.
ومنها: ما رواه البيهقي في سننه أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني، أنبأ أبو سعيد بن الإعرابي، ثنا سعدان بن نصر، ثنا إسحاق الأزرق، عن عبد الملك، عن عطاء، عن ابن عباس أنه قال: لا يدخل مكة أحد من أهلها، ولا من غير أهلها إلا بإحرام، ورواه إسماعيل بن مسلم، عن عطاء عن ابن عباس: فوالله ما دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حاجًا أو معتمرًا. انتهى من البيهقي. وقال ابن حجر في التلخيص: حديث ابن عباس لا يدخل أحد مكة إلا محرمًا. رواه البيهقي من حديثه، وإسناده جيد، ورواه ابن عدي مرفوعًا من وجهين ضعيفين، ولابن أبي شيبة من طريق طلحة، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: لا يدخل أحد مكة بغير إحرام، إلا الحطابين والعمالين، وأصحاب منافعها. وفيه طلحة بن عمرو فيه ضعف. وروى الشافعي عن ابن عيينة، عن عمرو، عن أبي الشعثاء: أنه رأى ابن عباس يرد من جاوز الميقات غير محرم. اهـ منه.
ومنها: أن دخول مكة بغير إحرام مناف للتعظيم اللازم لها. وأما الذين قالوا: بجواز دخول مكة بلا إحرام لمن لم يرد نسكًا، فاحتجوا بأدلة. منها: ما رواه البخاري في صحيحه، قال: باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام. ودخل ابن عمر وإنما أمر النَّبي صلى الله عليه وسلم بالإهلال لمن أراد الحج والعمرة، ولم يذكر الحطابين وغيرهم.
ثم ساق بسنده حديث ابن عباس المتفق عليه المذكور سابقًا وفيه «هن لهن وكل آت أتى عليهم من غيرهم ممن أراد الحج والعمرة» الحديث ومراد البخاري رحمه الله أن مفهوم قوله: ممن أراد الحج والعمرة أن من لم يرد الحج، والعمرة لا إحرام عليه، ولو دخل مكة.
وقال ابن حجر في الفتح في الكلام على هذا الحديث وحاصله: أنه خص الإحرام بمن أراد الحج والعمرة واستدل بمفهوم قوله في حديث ابن عباس: ممن أراد الحج والعمرة، فمفهومه: أن المتردد إلى مكة لغير قصد الحج والعمرة لا يلزمه الإحرام. انتهى محل الغرض منه ثم قال البخاري رحمه الله: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح، وعلى رأسه المِغفَر فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خَطَلٍ متعلق بـ أستار الكعبة فقال: اقتلوه» انتهى منه فقول أنس في هذا الحديث الصحيح: دخل عام الفتح، وعلى رأسه المغفر، دليل على أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح بغير إحرام، كما هو واضح، وحديث أنس هذا أخرجه مالك في الموطأ، وزاد: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئد محرمًا، وأخرجه أيضًا مسلم في صحيحه باللفظ الذي ذكره البخاري في باب جواز دخول مكة بغير إحرام.
وقال مسلم رحمه الله في صحيحه أيضًا: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، وقتيبة بن سعيد الثقفي، قال يحيى: أخبرنا، وقال قتيبة: حدثنا معاوية بن عمار الدُّهْنيُّ، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله الأنصاري «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة» وقال قتيبة «دخل يوم فتح مكة، وعليه عمامة سوداء بغير إحرام» وفي رواية قتيبة قال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر، وفي رواية أخرى عند مسلم عن جابر أيضًا: «أن النَّبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء» وفي رواية عند مسلم من طريق عمرو بن حُرَيْثٍ، عن أبيه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء» وفي لفظ لمسلم، عن جعفر بن عمرو بن حُرَيْثٍ، عن أبيه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وعليه عمامة سوداء، قد أرخى طرفيها بين كتفيه. ولم يقل أبو بكر: على المنبر. انتهى منه.
فإن قيل: في بعض هذه الأحاديث الصحيحة: أنه دخل مكة، وعلى رأسه المغفر، وفي بعضها: أنه دخل وعليه عمامة سوداء.
فالجواب: أن العلماء جمعوا بين الروايتين. قال القاضي عياض: وجه الجمع بينهما أن أول دخوله كان على رأسه المغفر، ثم بعد ذلك كان على رأسه العمامة بعد إزالة المغفر، بدليل قوله: خطب الناس، وعليه عمامة سوداء، لأن الخطبة إنما كانت عند باب الكعبة بعد تمام فتح مكة، وجمع بعض أهل العلم بينهما بأن العمامة السوداء كانت ملفوفة فوق المغفر وكانت تحت المغفر وقاية لرأسه من صدأ الحديد، فأراد أنس بذكر المغفر كونه دخل متهيئًا للحرب، وأراد جابر بذكر العمامة كونه دخل غير محرم انتهى محل الغرض منه من فتح الباري.
وقال ابن حجر في الفتح في قول البخاري: ودخل ابن عمر وصله مالك رحمه الله في الموطأ عن نافع قال: أقبل عبد الله بن عمر من مكة، حتى إذا كان بِقُدَيْدٍ يعني بضم القاف جاءه خبر من المدينة، فرجع فدخل مكة بغير إحرام. اهـ. منه، وقد ذكره مالك في الموطأ في جامع الحج بلفظ: جاءه خبر من المدينة يدل عن الفتنة، وباقي اللفظ كما ذكره ابن حجر.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر القولين عندي دليلًا: أن من أراد دخول مكة حرسها الله لغرض غير الحج والعمرة أنه لا يجب عليه الإحرام، ولو أحرم كان خيرًا له، لأن أدلة هذا القول أقوى وأظهر فحديث ابن عباس المتفق عليه: خص فيه النَّبي صلى الله عليه وسلم الإحرام بمن أراد النسك. وظاهره أن من لم يرد نسكًا فلا إحرام عليه. وقد رأيت الروايات الصحيحة بدخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح غير محرم، ودخول ابن عمر غير محرم والعلم عند الله تعالى.
وأما قول بعض أهل العلم من المالكية وغيرهم أن دخول مكة بغير إحرام من خصائصه صلى الله عليه وسلم، فهو لا تنهض به حجة، لأن المقرر في الأصول وعلم الحديث أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يختص حكمه به إلا بدليل يجب الرجوع إليه، لأنه هو المشرع لأمته بأقواله وأفعاله وتقريره كما هو معلوم.
الفرع التاسع: في حكم تأخير الإحرام عن الميقات، وتقديمه عليه قد قدمنا أنه لا يجوز تأخير الإحرام عن الميقات ممن يريد حجًا أو عرمة، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم، وقد قدمنا دليله، وأما ما رواه مالك رحمه الله في الموطأ عن نافع: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أهل من الفُرْعِ. ومعلوم أن الفرع وراء ميقات أهل المدينة الذي هو ذو الحليفة، فهو محمول عند أهل العلم كما ذكره ابن عبد البر وغيره، على أنه وصل الفرع وهو لا يريد النسك فطرأت عليه نية النسك بالفرع، فأهل منه، وهذا متعين، لأن ابن عمر رضي الله عنهما ممن روى المواقيت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، فمن المعلوم أنه لا يخالف ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما الإحرام من موضع فوق الميقات، فأكثر أهل العلم على جوازه غير واحد عليه الاتفاق.
واختلفوا في الأفضل من الأمرين وهما الإحرام من الميقات أو الإحرام من بلده إن كان أبعد من الميقات؟ قال النووي في شرح المهذب: أجمع من يعتد به من السلف والخلف من الصحابة، فمن بعدهم، على أنه يجوز الإحرام من الميقات ومما فوقه. وحكى العبدري وغيره عن داود أنه قال: لا يجوز الإحرام مما فوق الميقات، وأنه لو أحرم مما قبله لم يصح إحرامه، ويلزمه أن يرجع، ويحرم من الميقات. وهذا الذي قاله مردود بإجماع من قبله. انتهى كلام النووي.
وحجة من قال: إن الإحرام من الميقات أفضل أن النَّبي صلى الله عليه وسلم أحرم في حجته وعمرته من الميقات الذي هو ذو الحليفة، وهذا مجمع عليه من أهل العلم، وأحرم معه في حجه وعمرته أصحابه كلهم من الميقات، وكذلك كان يفعل بعده خلفاؤه الراشدون وغيرهم من الصحابة والتابعين، وجماهير العلماء، وأهل الفضل فترك النبي صلى الله عليه وسلم الإحرام في مسجده الذي صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وإحرامه من الميقات دليل واضح، لا شك فيه أن السنة هي الإحرام من الميقات، لا مما فوقه، واحتج من قال: بكون الإحرام مما فوق الميقات أفضل بما رواه أبو داود في سننه: حدثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن أبي فُدَيك، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يُحنَّس، عن يحيى بن أبي سفيان الأخنسي، عن جدته حكيمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أو وجبت له الجنة» شك عبد الله أيتهما قال: قال أبو داود: يرحم الله وكيعًا أحرم من بيت المقدس، يعني إلى مكة. انتهى من سنن أبي داود. واحتج أهل هذا القول أيضًا بتفسير عمر، وعلي رضي الله عنهما لقوله: {وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة للَّهِ} [البقرة: 196] قالا: إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك، واحتجوا أيضًا بما رواه مالك في الموطأ عن الثقة عنده أن عبد الله بن عمر: أهَلَّ من إيلياء. وهي بيت المقدس، ورد المخالفون استدلال هؤلاء بأن حديث أم سلمة: ليس بالقوي.
قال النووي في شرح المهذب: وأما حديث أم سلمة، فرواه أبو داود، وابن ماجه، والبيهقي، وآخرون وإسناده ليس بالقوي، وبأن تفسير على وعمر رضي الله عنهما للآية، وفعل ابن عمر كلاهما مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله في حجته تفسير لآيات الحج. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم» وإحرامه من الميقات مجمع عليه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر القولين عندي دليلًا هو: الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، والإِحرام من الميقات، فلو كان الإحرام قبله فيه فضل لفعله صلى الله عليه وسلم، والخير كله في اتباعه صلى الله عليه وسلم.
وقال النووي في شرح المهذب، بعد أن يبين أن الإحرام من الميقات أفضل من غيره ما نصه: فإن قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم، أحرم من الميقات لبيان جوازه.
فالجواب من أوجه:
أحدها: أنه صلى الله عليه وسلم قد بين الجواز بقوله صلى الله عليه وسلم: «مهل أهل المدينة من ذي الحليفة».
الثاني: أن بيان الجواز فيما يتكرر فعله، ففعله صلى الله عليه وسلم مرة أو مرات يسيرة على أقل ما يجزئ بيانًا للجواز ويداوم في عموم الأحوال، على أكمل الهيئات، كما توضأ مرة في بعض الأحوال وداوم على الثلاث، ونظائر هذا كثيرة، ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم أحرم من المدينة، وإنما أحرم بالحج وعمرة الحديبية من ذي الحليفة.
الثالث: أن بيان الجواز إنما يكون في شيء اشتهر أكمل أحواله بحيث يخاف أن يظن وجوبه، ولم يوجد ذلك هنا، وهذا كله إنما يحتاج إليه على تقدير دليل صريح صحيح في قمابلته ولم يوجد ذلك، فغن حديث أم سلمة قد سبق أن إسناده ليس بالقوي فيجاب عنه بأربعة أجوبة.
الأول: أن إسناده ليس بقوي.
الثاني: أن فيه بيان فضيلة الإحرام من فوق الميقات وليس فيه أنه أفضل من الميقات. ولا خلاف أن الإحرام من فوق الميقات فيه فضيلة، وإنما الخلاف أيهما أفضل.
فإن قيل: هذا الجواب يبطل فائدة تخصيص المسجد الأقصى.
فالجواب: أن فيه زيادة هي تبيين قدر الفضيلة فيه.
والثالث: أن هذا معارض لفعله صلى الله عليه وسلم المتكرر في حجته وعمرته، فكان فعله المتكرر أفضل.
الرابع: أن هذه الفضيلة جاءت في المسجد الأقصى لأن له مزايا عديدة معروفة، ولا يوجد ذلك في غيره، فلا يلحق به والله تعالى أعلم. إنتهى كلام النووي. ولا شك: أن مسجد النَّبي صلى الله عليه سولم أفضل من المسجد الأقصى، بدليل الحديث المتفق عليه «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» ولا خلاف بين أهل العلم في دخول المسجد الأصى في هذا العموم، وتفضيل مسجد النَّبي صلى الله عليه وسلم في الجملة، فلو كان فضل المكان سببًا للإحرام فيه قبل الميقات، لأحرم النَّبي صلى الله عليه وسلم في مسجده، لأنه لا يفعل إلا ما هو الأفضل والأكمل صوات الله وسلامه عليه، ولا يخفى أن الاقتداء بالنَّبي صلى الله عليه وسلم أفضل وأكمل من غيره.
الفرع العاشر: في حكم تقديم الإحرام على ميقاته الزماني، الذي هو أشهر الحج التي تقدم بيانها.
اعلم أن جماعة من أهل العلم قالت: لا ينعقد الإحرام بالحج في غير أشهر الحج، وأكثر من قال بهذا يقولون: إنه إن أحرم بالحج في غير أشهره ينعقد إحرامه بعمرة لا حج، وهذا هو مذهب الشافعي. قال النووي في شرح المهذب: وبه قال عطاء، وطاوس، ومجاهد، وأبو ثور. ونقله الماوردي عن عمر، وابن مسعود، وجابر، وابن عباس وأحمد. وقال الأوزاعي: يتحلل بعمرة. وقال ابن عباس: لا يحرم بالحج إلا في أشهره. وقال داود: لا ينعقد. وقال النخعي والثوري، ومالك، وأبو حنيفة، وأحمد: يجوز قبل أشهر الحج، ولَكِن يكره قالوا: فأما الأعمال فلا تجوز قبل أشهر الحج بلا خلاف، واحتج لهم بقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهلة قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والحج} [البقرة: 189] فأخبر سبحانه وتعالى أن الأهلة كلها مواقيت للناس والحج، ولأنها عبادة تدخلها النيابة، وتجب الكافرة في إفسادها، فلم تخص بوقت كالعمرة، ولأن الإحرام بالحج يصح في زمان لا يمكن إيقاع الأفعال فيه. وهو شوال. فعلم أنه لا يختص بزمان. قالوا، ولأن التوقيت ضربان توقيت مكان وزمان. وقد ثبت أنه لو تقدم إحرامه على ميقات المكان صح، فكذا الزمان قالوا: وأجمعنا على أنه لو أحرم بالحج قبل أشهره انعقد لَكِن اختلفنا، هل ينعقد حجًا أو عمرة؟ فلو لم ينعقد حجًا لما انعقد عمرة. انتهى محل الغرض من كلام النووي.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: ومن العجيب عندي أن يستدل عالم بمثل هذه الأدلة التي هي في غاية السقوط كما ترى، لأن آية: {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 189] ليس معناها: أن كل شهر منها ميقات للحج، ولَكِن أشهر الحج، إنما تعلم بحساب جميع الأشهر، لأنه هو الذي يتميز به وقت الحج من غيره، ولأن هذه الأدلة لا يعول عليها في مقابلة آية محكمة من كتاب الله صريحة في توقيت الحج بأشهر معلومات هي قوله تعالى: {الحج أَشْهُرٌ مَّعْلُوماتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحج فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحج} [البقرة: 197] فتجاهل هذا النص القرآني، ومعارضته بما رأيت من الغرائب كما ترى.